15 يوليو ... تنفيذ الإعــدام
" 15 يوليو ( موعد تنفيذ الإعدام ) " ... كانت هذه العبارة في بداية الفيلم الذي عزمت مشاهدته في ليلة الخميس والتي تسبق لليلة واحدة من انتهاء اختباراتي النهائية .. فيلم مضت عليه رياح السنون وقد علت الغبار .. ولكن في نفسي تبقى له أثر وحنين أن أشاهده مجدداً ... وفعلا
الفيلم يدعي ( The Green Mile ) من بطولة الرائع – ممثل مفضل لدي – " Tom Hanks " .. الميل الأخضر هو عبارة عن قصة حدثت منتصف الفصول في 1935م .. عجوز كبير في مركز المسنين يحكي قصته لصديقته... وهو نفس الرجل المسئول عن السجناء المحكومين عليهم بالإعدام في قسم الميل الأخضر ...
أحداث الفيلم بطريقة تدعى في الأدب السينمائي ( Flash Back ) أي نظرة خاطفة للماضي في زمن الحاضر ... وهذا هو أسلوبي المفضل في كل رواية ... فما نفع الماضي إذ لم نتذكره.. وكيف يحلو لنا الحاضر دون خواطر الماضي وعبره ...
يسقط الفيلم أضواءه الديناميكية على رجل أسود البشرة ، عملاق ، قوي البنية ، اتُهِم باغتصاب وقتل فتاتين لا يتجاوزا الست سنوات في وقت كساد اقتصادي في ريف أحد المدن في الولايات المتحدة ، رغم أنه أَخبر الجميع بأنه حاول أن ينقذ الموقف لكن جاء متأخراً .. ولكن أب الطفلتين ومحامي الدفاع والقاضي والجميع بظواهر الحقائق وقانون الولاية أدانت فعلته وحكم عليه بالإعدام على كرسي كهربائي ... تسري الكهرباء بكل جسمه حتى يحترق ويموت ... هكذا كانت الخطة
ولكن للخالق العليم بمجريات الأمور خطة آخرى ... سبحن من إذا ابتلى أعطى ... فقد رزق هذا الشاب الضخم الغامض جداً قوة كالوسائط الروحانية التي تشعر بالآلام الناس.. وتتعرف على الرجال صالحهم وطالحهم فقط من ملامسة الكفوف .. وأيضاً يستطيع أن يشفي الناس ويمتص عنهم ألآمهم وأوجاعهم فقد شفى الالتهاب ( السيد بول = رئيس القسم بدور توم هانس ) ، وأعاد فأرة السيد ديل التي أحبها أحد السجناء إلى الحياة ، وأيضا برئ زوجة رئيس السجن التي كانت تعاني من ورم دماغي استعصى على الأطباء واحتار الزوج بحالتها .
والغريب جدا ... أن الرجل صامتٌ كتومٌ جداً ... يشعر بالآلام الناس ويرى العالم بحلته السوداء القاتمة ... رغم ذالك تراه يمشي ويتحرك ويشعر يفكر كالطفل ... فيبتسم حيناً ويغني ، يشم الورق الأخضر ويحمل التراب بين يديه ... وحينما يسأل عن تفسير لما حدث أو ماذا فعل ؟ يقول " أنا متعب سيدي الرئيس ، أنا جداً متعب " .. ثم يستلقي على سريره في زنزانته
في أحد الأيام طلب من رئيسه أن يمد يديه ... وبالرغم من تحذيرات أصدقاء بول له غير أنه رفضهم وأخذ بيد جون ... وفجأة رأى بعينه أنه مظلوم وقصة الطفلتين الحقيقة واللتان قتلا واغتصبا على يدي صديق أباهما وليس على يديه... رأى الحقيقة بكلتا عينيه ومن يد جون كوفي وشعر بمعاناة الطفلتين وتعرف على القاتل المجرم ... ولذا كان الرئيس يموت من شدة الألأم والتوجع والصدمة العارمة... وفي تلك الليلة، ليلة ما قبل إعدامه عرف معاناة الشاب الضخم الذي أصبحوا يدعونه ( الطفل الكبير The Big Baby ) ... وشعر بأن من حقه أن يدافع عنه ولكن يديه مقيدتان بحكم الحكم السابق فيه وهو الإعدام بالحرق حتى الموت في صباح الغد ... وقبل موعد الإعدام منحوا جون كوفي أمنية يحققها قبل إعدامه ... رفض في البداية لكن مسئول آخر في السجن ألح عليه أن يستغل الفرصة ويتمنى ما كان يصبو لتحقيقه في فترة طفولته السوداء المتعبة الغامضة والنادرة جداً... وبعد تفكير قليل ... أجاب " لم يسبق لي أن شاهدت فيلماً " ... وبالفعل حققوا له أول وآخر أمنياته.. شاهد فيلماً كلاسيكياً في نهايته أغنية " أنا في الجنة أشعر أنني في الجنة " وكان جداً سعيداً وشاكرة لإدارة السجن الذين أصبحوا بحق أصدقاءه وقد سعدوا باستقباله وأحبوه بحق... ياله من قلب طفل في جسد عملاق !!
لست هذا الموقف الوحيد الذي أثار دهشتي بل أيضاً ... في موعد تنفيذ الإعدام نفسه في الخامس عشر من يوليو وقبل خمس دقائق من تشغيل الطاقة القاتلة على جسمه ... إلا أن الطفل يظل طفلا.ا ... فقد طلب منهم بلطف أن لا يضعوا القناع الأسود حول عينه متعذرا كعادته بأنه يخاف من الظلام ... ووافقوا على طلبه ... وأصبح الآن وجهاً لوجه مواجهاً للموت ولنظرات الناس التي ملئت كرهاً له ... وحان الموعد :
" السيد جون كوفي قد تم الحكم عليك بالإعدام حتى الموت في الكرسي الكهربائي وفق قانون الولاية والقاضي ومجموعة المحلفين الاجتماعية والذي لهم منزلة مرموقة في مجتمعك وسوف ينفذ الآن الحكم .. ألديك ما تقوله ؟ " .... فصمت قليلا ثم أجاب
" ...أنا أسف لأنني أنا ... أنا حقاً آسف على ما أكون عليه..."
عند هذه الكلمات ... أمسك الرئيس بيده مصافحاً ثم أمر بتنفيذ الحكم . وبالفعل نفذ الحكم واحترق جسده البرئ من كل التهم وأنارت القاعة بأضواء أتت من قوة الكهرباء الموصولة بجسده والذي لم يرتاح أبداً حتى عند موته ... بل عاش ومات صاماً كاتماً ألمه والظلم الناس وشعور رحل عن لغة الوصف ولم يجد له وصفا غير أنه " متعب جدا "...
...
الفيلم ليس قصاً عابرة ... فقد تذكر أصدقاءه جميعاً اسمه وقصته في الميل الأخضر ... والكثير من مشاعري اضطربت مع هذه القصة ... فلا أدري في الختام ماذا أقول ؟
...
كم من المرات اعتقدنا أننا نعرف شخصاً ... أو أن نشعر بالالامه ورغم ذالك خاب شعورنا وعجزنا عن مساعدته أو حتى إنصافه
كم من المشاهد لأرواح الناس تمر حولنا وهم يعانون بصمت ... قصص غريبة ... لا يصدقها عقل ولا يقبلها واقع بل أحياناً لا نريد أن نصدقها ... وبذاك يظل المظلوم مهموماً والباكي غريقاً بدموعه ونحن حيارى بحالهم وحال أنفسنا الذي يشقينا بالدرجة الأولـــى
وكم من قلوب بيضاء وإذ تختلف أثوابها إلا أنها دوماً تلبس أثواب حب الناس ومساعدة الغير رغم حاجتها الماسة للمساعدة ... فالإثار عنوانها ... والناس لا تحمل لها إلا عنوان المصلحة ... فمتى ما تنقضي مصالحهم انقضوا ... ويبقى القلب المحروم المجروح ... يساعدهم بصمت
ولكن ... ها بسبب الصمت أم سئ طباع الناس هل بسبب أو آخر ... نقف للحظة ونعتذر عن ما نحن عليه ....
لا أعتقد أبداً من العدل أن نعتذر عن ما منحنا الله إياه
وإن ظلمنا الآخرون وإن لمن يقدروا مهيتنا وحتى وإن أصبحنا غامضين جداً ... بل أصوت للفرصة آخرى ، أصوت لعدسة مكبر " دعني أقل لك ما أريد ، لا تحكم علي ، هكذا خلقت "
أيها الصامتون ... لا تعتذروا بل اشكروا ,,, فأنتم وما لكم وعليكم لله وهو خير الحاكمين وأعدل العادلين
يال لهذا الصمت .... يحررننا ويقتلنا
مظلوم وظالم... شقي ويشقينا ... غامض لا له تفسير غير الصمت
.
.
.
من مشاهداتي
بعد الفيلم ... ليلة الخميس
28\01\2010
الساعة 3:20 فجراً
" 15 يوليو ( موعد تنفيذ الإعدام ) " ... كانت هذه العبارة في بداية الفيلم الذي عزمت مشاهدته في ليلة الخميس والتي تسبق لليلة واحدة من انتهاء اختباراتي النهائية .. فيلم مضت عليه رياح السنون وقد علت الغبار .. ولكن في نفسي تبقى له أثر وحنين أن أشاهده مجدداً ... وفعلا
الفيلم يدعي ( The Green Mile ) من بطولة الرائع – ممثل مفضل لدي – " Tom Hanks " .. الميل الأخضر هو عبارة عن قصة حدثت منتصف الفصول في 1935م .. عجوز كبير في مركز المسنين يحكي قصته لصديقته... وهو نفس الرجل المسئول عن السجناء المحكومين عليهم بالإعدام في قسم الميل الأخضر ...
أحداث الفيلم بطريقة تدعى في الأدب السينمائي ( Flash Back ) أي نظرة خاطفة للماضي في زمن الحاضر ... وهذا هو أسلوبي المفضل في كل رواية ... فما نفع الماضي إذ لم نتذكره.. وكيف يحلو لنا الحاضر دون خواطر الماضي وعبره ...
يسقط الفيلم أضواءه الديناميكية على رجل أسود البشرة ، عملاق ، قوي البنية ، اتُهِم باغتصاب وقتل فتاتين لا يتجاوزا الست سنوات في وقت كساد اقتصادي في ريف أحد المدن في الولايات المتحدة ، رغم أنه أَخبر الجميع بأنه حاول أن ينقذ الموقف لكن جاء متأخراً .. ولكن أب الطفلتين ومحامي الدفاع والقاضي والجميع بظواهر الحقائق وقانون الولاية أدانت فعلته وحكم عليه بالإعدام على كرسي كهربائي ... تسري الكهرباء بكل جسمه حتى يحترق ويموت ... هكذا كانت الخطة
ولكن للخالق العليم بمجريات الأمور خطة آخرى ... سبحن من إذا ابتلى أعطى ... فقد رزق هذا الشاب الضخم الغامض جداً قوة كالوسائط الروحانية التي تشعر بالآلام الناس.. وتتعرف على الرجال صالحهم وطالحهم فقط من ملامسة الكفوف .. وأيضاً يستطيع أن يشفي الناس ويمتص عنهم ألآمهم وأوجاعهم فقد شفى الالتهاب ( السيد بول = رئيس القسم بدور توم هانس ) ، وأعاد فأرة السيد ديل التي أحبها أحد السجناء إلى الحياة ، وأيضا برئ زوجة رئيس السجن التي كانت تعاني من ورم دماغي استعصى على الأطباء واحتار الزوج بحالتها .
والغريب جدا ... أن الرجل صامتٌ كتومٌ جداً ... يشعر بالآلام الناس ويرى العالم بحلته السوداء القاتمة ... رغم ذالك تراه يمشي ويتحرك ويشعر يفكر كالطفل ... فيبتسم حيناً ويغني ، يشم الورق الأخضر ويحمل التراب بين يديه ... وحينما يسأل عن تفسير لما حدث أو ماذا فعل ؟ يقول " أنا متعب سيدي الرئيس ، أنا جداً متعب " .. ثم يستلقي على سريره في زنزانته
في أحد الأيام طلب من رئيسه أن يمد يديه ... وبالرغم من تحذيرات أصدقاء بول له غير أنه رفضهم وأخذ بيد جون ... وفجأة رأى بعينه أنه مظلوم وقصة الطفلتين الحقيقة واللتان قتلا واغتصبا على يدي صديق أباهما وليس على يديه... رأى الحقيقة بكلتا عينيه ومن يد جون كوفي وشعر بمعاناة الطفلتين وتعرف على القاتل المجرم ... ولذا كان الرئيس يموت من شدة الألأم والتوجع والصدمة العارمة... وفي تلك الليلة، ليلة ما قبل إعدامه عرف معاناة الشاب الضخم الذي أصبحوا يدعونه ( الطفل الكبير The Big Baby ) ... وشعر بأن من حقه أن يدافع عنه ولكن يديه مقيدتان بحكم الحكم السابق فيه وهو الإعدام بالحرق حتى الموت في صباح الغد ... وقبل موعد الإعدام منحوا جون كوفي أمنية يحققها قبل إعدامه ... رفض في البداية لكن مسئول آخر في السجن ألح عليه أن يستغل الفرصة ويتمنى ما كان يصبو لتحقيقه في فترة طفولته السوداء المتعبة الغامضة والنادرة جداً... وبعد تفكير قليل ... أجاب " لم يسبق لي أن شاهدت فيلماً " ... وبالفعل حققوا له أول وآخر أمنياته.. شاهد فيلماً كلاسيكياً في نهايته أغنية " أنا في الجنة أشعر أنني في الجنة " وكان جداً سعيداً وشاكرة لإدارة السجن الذين أصبحوا بحق أصدقاءه وقد سعدوا باستقباله وأحبوه بحق... ياله من قلب طفل في جسد عملاق !!
لست هذا الموقف الوحيد الذي أثار دهشتي بل أيضاً ... في موعد تنفيذ الإعدام نفسه في الخامس عشر من يوليو وقبل خمس دقائق من تشغيل الطاقة القاتلة على جسمه ... إلا أن الطفل يظل طفلا.ا ... فقد طلب منهم بلطف أن لا يضعوا القناع الأسود حول عينه متعذرا كعادته بأنه يخاف من الظلام ... ووافقوا على طلبه ... وأصبح الآن وجهاً لوجه مواجهاً للموت ولنظرات الناس التي ملئت كرهاً له ... وحان الموعد :
" السيد جون كوفي قد تم الحكم عليك بالإعدام حتى الموت في الكرسي الكهربائي وفق قانون الولاية والقاضي ومجموعة المحلفين الاجتماعية والذي لهم منزلة مرموقة في مجتمعك وسوف ينفذ الآن الحكم .. ألديك ما تقوله ؟ " .... فصمت قليلا ثم أجاب
" ...أنا أسف لأنني أنا ... أنا حقاً آسف على ما أكون عليه..."
عند هذه الكلمات ... أمسك الرئيس بيده مصافحاً ثم أمر بتنفيذ الحكم . وبالفعل نفذ الحكم واحترق جسده البرئ من كل التهم وأنارت القاعة بأضواء أتت من قوة الكهرباء الموصولة بجسده والذي لم يرتاح أبداً حتى عند موته ... بل عاش ومات صاماً كاتماً ألمه والظلم الناس وشعور رحل عن لغة الوصف ولم يجد له وصفا غير أنه " متعب جدا "...
...
الفيلم ليس قصاً عابرة ... فقد تذكر أصدقاءه جميعاً اسمه وقصته في الميل الأخضر ... والكثير من مشاعري اضطربت مع هذه القصة ... فلا أدري في الختام ماذا أقول ؟
...
كم من المرات اعتقدنا أننا نعرف شخصاً ... أو أن نشعر بالالامه ورغم ذالك خاب شعورنا وعجزنا عن مساعدته أو حتى إنصافه
كم من المشاهد لأرواح الناس تمر حولنا وهم يعانون بصمت ... قصص غريبة ... لا يصدقها عقل ولا يقبلها واقع بل أحياناً لا نريد أن نصدقها ... وبذاك يظل المظلوم مهموماً والباكي غريقاً بدموعه ونحن حيارى بحالهم وحال أنفسنا الذي يشقينا بالدرجة الأولـــى
وكم من قلوب بيضاء وإذ تختلف أثوابها إلا أنها دوماً تلبس أثواب حب الناس ومساعدة الغير رغم حاجتها الماسة للمساعدة ... فالإثار عنوانها ... والناس لا تحمل لها إلا عنوان المصلحة ... فمتى ما تنقضي مصالحهم انقضوا ... ويبقى القلب المحروم المجروح ... يساعدهم بصمت
ولكن ... ها بسبب الصمت أم سئ طباع الناس هل بسبب أو آخر ... نقف للحظة ونعتذر عن ما نحن عليه ....
لا أعتقد أبداً من العدل أن نعتذر عن ما منحنا الله إياه
وإن ظلمنا الآخرون وإن لمن يقدروا مهيتنا وحتى وإن أصبحنا غامضين جداً ... بل أصوت للفرصة آخرى ، أصوت لعدسة مكبر " دعني أقل لك ما أريد ، لا تحكم علي ، هكذا خلقت "
أيها الصامتون ... لا تعتذروا بل اشكروا ,,, فأنتم وما لكم وعليكم لله وهو خير الحاكمين وأعدل العادلين
يال لهذا الصمت .... يحررننا ويقتلنا
مظلوم وظالم... شقي ويشقينا ... غامض لا له تفسير غير الصمت
.
.
.
من مشاهداتي
بعد الفيلم ... ليلة الخميس
28\01\2010
الساعة 3:20 فجراً
هناك تعليقان (2):
شاهدت الفلم حبيبتي وكان رائع
لكن حوارك انتي اكثر من رائع
دمتي بجمال
اختك " MOOON "
i see it
thank you love
Sami
إرسال تعليق