مــــا أجمــــل " ال كـ ع ب ة " في عينياهـــــا !!
كلُّ القلوبِ تحنُ لها ، وكـلُّ الاتجاهاتِ غدْت غربا ً .... نحو أرضِ التقديسِ والمكرماتِ .. موطنُ الرسلِ والرسالاتِ .. كم القلبُ يشتاق لبيتٍ تنتهي عنده كلُ آمالي .. وتبدأ بقربهِ رحلةُ أشواقي.... كم أتمنى لو أكونَ طول العمر طوافا ً.. أو حمامة الحرم تحلق بسلام .. ولآني أحن بأن تعفر جبهتي صبح مساء بسجادٍ أحمر قانيِ أمام الكعبة العظيمة ومقام سيدي وطيف الأحبتي ..
نعم .. شددت الرحال لها .. وأبكيت المقل للقياها.. وما وددت فراقا عنها .. فما أسعدني أنا باللقاء وما أطيب وجدي بمحبوبتي
....( م .. كـ .. ة ) ....
وما زاد رحلة البركة هذي طيباً وجلالاً .. طفلة قابلتها وقابلت معها كل معنى للبراءة والجمال .. طفلة صغيرة علمتني ما لم تعلمني إياه سنيني الكبيرة .. طفلة صغيرة .. خجولة ..
ما اسمكـِ ؟ .... أصبعها في فاها لم تجب .. ما اسمكـِ ؟
جابت عنها طفولتها ... اسمي : ما دفعكـ المجيء ها هنا ؟!!
اسمي : خفايا وبقايا من سنابل الذوات
اسمي : معجزات تلو المعجزات ... أجابتي ولا زالت صبيعتها في فمها ..
واعجبي .. كيف بعينها السودواتين منطق .. نسيت أن للنجوم شعاع .. ورأيت الضوء المتلألئ بسماء عيناها ..
( وجــــدان ٌ ) اسمها ... صوت من قريب
أوجدان .. أخبريني لما أنتي هنا ؟
" لا تحسبي حبي ضئيل .. شددت لمكة الرحيل .. وإن كان سني صغير .. أللشوق عمر أو مصير ؟ "
ولا زالت أعجب .. أيا وجدُ أطربيني ...
طفلة صغيرة تتنفس رحاب العشق المكي .. فما بالنا لا نذكر ألا نبصر ؟
طفلة علمتني كيف ربي أوحى إلها [ قل هو الله أحد ]..
.. ووقفت أما الحرم تحكي مناسك العمرة .. وأعدنا قصص الخليل وابنه إسماعيل إذ يرفعان القواعد يرددان رباه بارك في هذا البلد واجعله مجمع وفود العالمين .. ( فما ألذه من حديث كأن الشهد سكب في الشفاه .. فيا ليلتي طولي ويا وجدان لا تصمتي ) ..
سألتها أيا وجد .. أتعلمي لما الكعبة غدت روضة المحبين.. وكيف تجذب قلوب العشاق هكذا .. فهي اختصار الأماني .. ورحلة الأفاق لأبواب الجنان .. ؟!!
فعاودت أبصارها صوب الكعبة ذات الخيوط الذهبية والسوداء بجلال تنظرها ورهبة تفكر بها
فأجبت عنها :
" ربي رب الجمال باركها .. والملائكة بنتها .. والرسل طافت حولها .. والحبيب محمد أسرى منها ..وها نحن بعد السنون والأعمار ... جئناها ساجدين وزوار ... جئناها فيا حلو الأنظار .. وسعد بها الأبصار ..
جئناها من بعيد ندافع العبرات .. ونحمل السلام لها والدعوات .. لنلقاها ونسجد في ثناياها ...نقبل حجرها ونتخذ مقامها مصلى .. وزمزمها لذة وشفاء .. فوداعا للتعب .. وللنصب .. للهموم .. وللدنيا .. فعندها تنتهي كل النهايات وهنا بداية لعمر جديد .. ميلادنا الليلة وعمرنا لحظات .. أفلا نحبها يا وجدان !!"
صدقا ً ... رأيت الكعبة وجمالها في الصور وفي السور وحتى في الحلم .. ولكن عندما التفتت لي وجدان .. رأيت الكعبة في أبهى منظر ..
فما أجمل الكعبة في عيناها !!
مزجت بالحب البريء مع ابتسامات الطفولة ..
وقفت عندها ومدت يداها .. فحملتها وذهبنا سويا نرتشف ماء زمزم وأنا أدعو " رباه رباه باركـ بهذه الدرة الثمينة وأجعل جمالها أبديا لا يفنى.. وبارك في من سماها وعلمها وبأحسن حديث أدبها وأجعلها قرة عين والديها.. زهرة الحياة الدنيا وريحانة الأخرى.. اللهم آآآآآمين "
أتحسبوا .. أن حكاية وجدان انتهت هنا ؟!!
كلا ورب الكعبة .. فما زالت ذكراها حاضرة كلما استقبلت القبلة.
وما زالت أذني مسكونة بـ"وشوشتها الرائعة ، وهمساتها العبقة" .
وما أنفكـ أذكر دلالها وهي بحضني تردد سورة الفاتحة .
قابلت أمها الحنون وصرحت لي ... " لا تزال وجدان تذكر قصة الكعبة التي رويتها لها " .. وجدي يقول :" لله درها .. وهل نسيتها كي أذكرها "...
ستظلين يا وجدان ذكرى لا تنمحي ..
وإن لم نلتقي ..
فداكـِ نفسي ما أجملكِ
.. حفظكِ ربي ..
تاريخ ميلاد القصة :
مساء الخميس / بعد صلاة المغرب في الحرم المكي الشريف
الخامس من فبراير 2009